الحمد لله الكريم المنَّان ، منَّ علينا بقرب حلول شهر
الصيام والقيام ،وصلاة وسلام على رسول الأنام، وعلى آله وأصحابه الكرام
وبعد:
أحبتي في الله .. إنه الضيفُ العزيزُ الغال الذي ننتظره
من العام إلى العام ، ...
شهرٌ كله رحمات ، ومضاعفة حسنات ، وزيادة
طاعات ، شهرٌ تفتحُ فيه أبواب الجنة الثمانية ، وتغلق فيه أبواب النيران،
وتصفد الشياطين.
فهلا أعددت له؟؟ .. هلا استغفرت
ربك وتبت عمَّا بدر منك في الشهورِ الماضية؟؟
يا
ذا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبِ ... حتى عصى ربهُ في شهرِ شعبان
قد
أظلكَ شهرُ الصومِ بعدهما ... قلا تصيِّرهُ أيضاً شهرَ عصيان
أحبتي
في الله ..
لقي أحد السلف أخاً له فقال له: أترضى حالتك التي
أنت عليها للموت ؟ ، قال:لا.
قال: فهل عرضت عليها توبة من غير تسويف ؟ ،
قال : لا .
قال: فهل تعلم داراً تعمل فيها غير هذه ؟ ، قال: لا .
قال:
فهل للإنسان نفسان إذا ماتت إحداهما عمل بالأخرى ؟ ، قال : لا.
قال:
فهل تأمن من هجوم الكوت على حالتك هذه ؟ ، قال: لا.
قال : فما أقام على
ما أنت عليه عاقل.
وأنا أقول لك .. ماذا لو أتاك الموتُ الآن
الآن وأنت تقرأ موضوعي هذا؟؟ ماذا لو فتحت عينيك فوجدت ملكَ الموتِ وقد أتى
لينزع روحك من جسدك؟؟
ماذا لو ذهبت لنومك فأغمضت عينك ولم تفتحها إلا
على مشهدِ الملائكة وهي تصعد بروحك للسماءِ؟؟فبصرك اليومَ حديد.
إخوتااااه
.. نحن بحاجةٍ إلى توبةٍ صادقةٍ نصوحةٍ علها تشفعُ لنا عند ربنا فيغفر لنا
ذنوبناويكفر عنَّا خطايانا، علها تبلغنا رمضان بقلوبٍ نقيةٍ طاهرةٍ زكية.
إخوتااااه
.. قال تعالى :وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
والخطاب هُنا لكم .. معاشر
المؤمنين ، بل وكان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ،
فما بال أقوام لا يستغفرون ، وإذا استغفروا نطقت ألسنتهم وقلوبهم عن توبتهم
غافلة !!
كم يُنَادى : حي على الفلاح وأنت خاسر ، كم تدعى إلى
الصلاح وأنت على الفساد مثابر ، إذا رمضانُ أتى مقبلاً فأَقْبِل فبالخير
يُستقبَل ، لعلك تخطئه قابلاً وتأتي بَعْدُ فلا تُقبل.
إخوتاه
.. من يضمن أن يعيش إلى رمضان ؟! ، كم من آمل أن يصوم هذا الشهر فخانه
أملُه ؛ فصار قبله إلى ظلمة القبر ! كم مستقبلٍ يوماً لا يستكمله ،
ومؤمِّلٍ غداً لا يدركه !!
إخوتاه ..
تالله لو قيل لأهل
القبور تمنوا لتمنوا يوماً من رمضان ..
كم تعرفُ
مـمَّنْ صامَ في سلفْ ... مِن بينِ أهلٍ وجيرانٍ وإخوان
أفناهمُ الموتُ
واستبقاكَ بعدهمُ ... حَيّاً فما أقربَ القاصي من الدان
ومُعْجَبٌ
بثيابِ العيد يقطعُها ... فأصبحَ بها غداً أثواباً وأكفان
حتى متى
يَعْمُرُ الإنسانُ مَسْكَنَهُ ... مَصِيرُ مَسْكَنِهِ قَبْرٌ لإنسان